محمد عبد الجبار الشبوط
يشهد الشرق الأوسط منذ عقود
أزمات متكررة ونزاعات دامية، كان في قلبها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وما ترتب عليه من توتراتإقليمية وحروب متكررة. لقد أثبتت التجارب أن الحلول الجزئية، كحل الدولتين أو التطبيع المشروط، لمتحقق سلامًا حقيقيًا، بل ساهمت في تأجيل الانفجار وتكريس الانقسام.
لهذا، تبرز الحاجة إلى سلام عادل ومستدام، لا يقوم على التهدئة المؤقتة أو منطق الغلبة، بل على رؤيةجديدة تنبع من العدالة والكرامة والمواطنة المتساوية.
في هذا السياق، يشكّل حل الدولة الواحدة في فلسطين الكبرى مرتكزًا أساسيًا لهذا السلام. دولة علمانيةديمقراطية، يعيش فيها الفلسطينيون واليهود على قدم المساواة، ويتمتعون بحقوق كاملة في المواطنة،دون تمييز ديني أو عرقي. هذا الحل يعالج جذور الصراع، ويعيد الاعتبار لحق العودة، ويضع حدًا لمنطقالفصل العنصري الذي لم يعد مقبولًا في القرن الحادي والعشرين.
لكن هذا السلام لا يكتمل دون رؤية أوسع تتجاوز حدود فلسطين، نحو ما يمكن تسميته بـ**“المواطنةالشرق أوسطية”**. وهي فكرة تدعو إلى تعاون إقليمي بين شعوب المنطقة، على أساس التاريخالمشترك والمصالح المتبادلة، في مواجهة الانقسامات الطائفية والتدخلات الخارجية.
إن الجمع بين حل الدولة الواحدة والمواطنة الشرق أوسطية يُنتج أفقًا حضاريًا جديدًا، يقوم علىالاعتراف المتبادل، والتعايش، وبناء مستقبل تشاركي، بدلًا من التقاتل والتناحر.
السلام الحقيقي في الشرق الأوسط لا يُفرض بالقوة، بل يُبنى بالعدالة، ويُصان بالمواطنة.
