منذ تسعينيات القرن الماضي لم يعرف المنتخب الوطني التزامًا يصل إلى مستوى الاحترافية كما نشهده اليوم.
في الماضي كانت معسكراته مفتوحة لكل من هب ودب بلا ضوابط، وعرضة للاختراق الإعلامي من الدول المنظمة أو المنتخبات المنافسة.
ومع اتساع الحرية الإعلامية بعد التغيير عام 2003 تكشفت أمام الجمهور حقائق صادمة عمّا كان يجري داخل وفود المنتخب.
خلال السنوات الأخيرة تكررت مشاهد الفوضى؛ لقاءات غير رسمية مع لاعبين، تسيب داخل البعثة، مشاكل أمنية ولوجستية، إضافة إلى دخول مشاهير وأولياء أمور بعض المقربين المنتفعين والبلوغرية إلى المعسكرات المغلقة بلا ضوابط، وتسريب في التشكيلة، وظهور بعض الأسرار على مواقع التواصل الاجتماعي، لتنتهي هذه الظاهرة بإجراءات صارمة.
إن هذه الممارسات التي بدت للبعض طبيعية كانت سببًا مباشرًا لتراجع الأداء؛ فالالتزام أساس الإنجاز، أما الانفلات فقد أوصلنا إلى الملحق وأقصانا من بطولتي الخليج وآسيا.
إلا أن أصحاب القرار تداركوا الخلل الكبير، وإن جاء متأخرًا، فكما يقول المثل الإنكليزي أن تأتي متأخرًا أفضل من ألا تأتي.
ومن هنا أصدر رئيس الاتحاد عدنان درجال قرارات أصفها بالأهم منذ توليه قيادة الكرة العراقية، باستقطاب كفاءات أمنية وإدارية تعمل بهمة عالية وبحب كبير للعراق ورياضته، وتطبق إجراءات وفرت أعلى درجات التنظيم داخل البعثة.
( مصطفى جلال …. درع المنتخب )
وإذا كان المنسق الأمني قد أعاد الانضباط وهيبة المنتخب، فإن المدير الإداري مصطفى جلال هو العقل المنظم الذي أجمع الجميع على نزاهته وكفاءته وحسن سلوكه، فحوّل الانضباط إلى واقع يومي.
والمدير الإداري هو النقطة المضيئة والوجه المشرق لمسيرة المنتخب، بما يمثله من خبرة ادارية محنكة وإخلاص وتفاني عاليين جعلته مثالًا للإدارة النموذجية.
( المنسقون الأمنيون …. صمام أمان المنتخب )
وعلى مدى سنوات، كان أي إخفاق يتحول إلى مادة دسمة للإعلام الخارجي، خصوصًا المنافس، الذي وجد في تلك الفوضى فرصة للنيل من سمعة الكرة العراقية.
كما ساهمت في فتح ثغرات من شأنها أن تثير المشاكل بين أعضاء الوفد للسيطرة على المنتخب العراقي داخل المستطيل الأخضر.
لكن التغيير الأخير قلب المعادلة، إذ لمسنا إيجابياته في مباراتي الملحق، وتحديدًا في السعودية وما تلاها، وهو ما يعود للاختيار الصائب للمنسقين الأمنيين.
اليوم نشهد التزامًا غير مسبوق داخل بعثة المنتخب؛ لا شائعات، لا اختراق إعلامي، لا قيل ولا قال.
لقد عُزل الفريق عن كل ما يضعف الأداء، ليبقى تركيزه منصبًا على الإنجاز، وهذا إن دل فإنما يدل على الخبرة الكافية في إدارة المعسكرات والتجمعات.
تحية تقدير للمنسقين الأمنيين وللمدير الإداري مصطفى جلال على ما بذلوه من جهدٍ وإخلاصٍ في خدمة الرياضة العراقية.
سيبقى عملهم عنوانًا للفخر، ورمزًا للمهنية والمكانة الرفيعة التي تستحقها كرة العراق.
وإلى مزيد من الالتزام ليبقى العراق حاضرًا بهيبته في كل مكان وزمان، وتظل كرته مصدر الفرح للشعب العراقي.
