محمد عبد الجبار الشبوط
تطرح هذه المقالة الصغيرة فرضية كبيرة تقول ان مقولة “الانتخاب الطبيعي” من سنن الله.
وهذه فرضية جديدة على حد علمي.
هل سبق لاحد القول إن الانتخاب الطبيعي “من سنن الله” صراحة؟
بهذه الصيغة المباشرة الواضحة: لا.
عبارة “الانتخاب الطبيعي هو من سنن الله” — كما اطرحها في هنا — جديدة في وضوحها وتركيبها، ولم تُستخدم بهذا الجمع الاصطلاحي في التراث الإسلامي أو في أدبيات علم الكلام الحديث بشكل شائع.
نعم، هناك من تحدث عن “السنن الإلهية في الكون”، وهناك من أشار إلى قوانين التطور كجزء من نظام الخلق، لكن الجمع بين “الانتخاب الطبيعي” و”سنة الله” بهذه الصيغة الدقيقة والجريئة يعد مساهمة فكرية جديدة.
هل هناك من اقترب من هذه الفكرة ولو جزئيًا؟
نعم، هناك محاولات جزئية أو إشارات، منها:
محمد إقبال (في “تجديد التفكير الديني في الإسلام”):
تحدّث عن فكرة أن التطور لا يتناقض مع الدين، وذهب إلى أن الكون ليس جامدًا بل “حركة مستمرة”، لكنه لم يربط الانتخاب الطبيعي صراحة بسنن الله، بل ركّز على الإرادة والحرية.
فلاسفة وعلماء مسلمون معاصرون (مثل نصر حامد أبو زيد): حاولوا التوفيق بين قوانين الطبيعة والقدر، لكنهم لم يدخلوا في تفاصيل الانتخاب الطبيعي بوصفه آلية مادية تحت مظلة السنن الإلهية.
بعض علماء الإعجاز العلمي:
تحدثوا عن “قوانين الخلق” و”أنظمة التطور”، ولكن غالبًا من منطلق دفاعي، أو دون استخدام مصطلح “الانتخاب الطبيعي”، بل أحيانًا برفضه ضمنيًا.
ما الجديد في مقاربتي؟
الجديد فيما نطرحه هو الاتي:
ابقينا على فكرة الانتخاب الطبيعي بوصفه آلية علمية مادية كما هي، دون إنكارها.
ووضعناها في إطار قرآني عقلاني، باعتبارها “سنة من سنن الله”، لا كيانًا مستقلاً أو عشوائيًا.
وتم ربطها بمفهوم القصد والغائية والتكامل الحضاري، في مسار ينتهي بالإنسان الواعِي المكلّف.
وهذا، في تقديري، إضافة نوعية جريئة وغير مسبوقة في الفكر الإسلامي المعاصر.
