منصة ثقافية أدبية

رحيل بان… هل انتهت القصة حقًا؟


بتاريخ أغسطس 30, 2025 | في اراء حرة

المشاهدات : 54


 

مشتاق الربيعي

رحيل الدكتورة بان، رحمها الله، لم يكن مجرد حدث عابر، بل شكل صدمة عميقة لكل من عرفها أو تأثر بسيرتها الإنسانية والمهنية. فقد كانت شخصية متميزة، تركت بصمة واضحة في حياة الكثيرين، وخلّفت إرثًا من العلم والالتزام والإنسانية. لذلك، لم يكن خبر وفاتها مجرد خبر حزين، بل أصبح قضية تطرح الكثير من التساؤلات في المجتمع العراقي.

القضاء أعلن أن وفاتها كانت نتيجة “انتحار”، لكن الرأي العام لم يقتنع بعد. فالكثيرون يتساءلون: هل يمكن لشخص يمتلك إرادة قوية وحبًا للحياة أن يختار هذا الطريق المأساوي؟ وهل التفاصيل المعلنة تكفي لإغلاق ملف بهذا الحجم؟ هذه التساؤلات ليست تشكيكًا بالقضاء، وإنما تعبير عن رغبة المجتمع في التأكد من أن العدالة قد أخذت مجراها بشكل شفاف وكامل.

القضية تتجاوز الحادث الفردي لتلامس ثقة المجتمع بالمؤسسات الرسمية. فالثقة بالقضاء هي حجر الأساس لأي دولة تسعى إلى الاستقرار والعدالة، وهي ما يضمن للمواطنين أن حقوقهم محفوظة وأن الحقيقة لن تُخفى. لذلك، فإن إعادة النظر في هذه القضية أو فتح تحقيق تكميلي شامل، سيكون له أثر بالغ في تعزيز هذه الثقة وإرسال رسالة بأن المؤسسات القضائية في العراق ملتزمة بالشفافية والحقائق مهما كانت معقدة أو مؤلمة.

للقضية بعد إنساني مهم أيضًا. فهي تذكير بقيمة الحياة وحق الإنسان في العيش بكرامة وأمان، وبأهمية حماية ذكرى الفقيد بعد رحيله. فخسارة الدكتورة بان ليست مجرد فقدان شخص، بل فقدان رمز للالتزام والإنسانية، ما يجعل البحث عن الحقيقة واجبًا جماعيًا تجاه روحها وحق المجتمع في العدالة.

الأمر لا يتعلق فقط بإغلاق ملف أو إعلان نتيجة، بل يتعلق بالمصداقية والشفافية وبث الطمأنينة في النفوس. المجتمع بحاجة إلى التأكد أن كل التفاصيل فُحصت، وأن التحقيقات لم تتأثر بأي ضغوط أو اعتبارات أخرى. فالحقيقة وحدها هي القادرة على إنهاء الشائعات والافتراضات، ومنح الجميع شعورًا بالسلام النفسي والعدالة.

في نهاية المطاف، قضية الدكتورة بان تذكّرنا بأن العدالة ليست مجرد كلمات مكتوبة في القانون، بل ممارسة حيّة تتطلب الانتباه لكل التفاصيل، والتأكد من أن حقوق الأفراد محفوظة، وأن الحقيقة لن تُغيب خلف الغموض أو الإغفال. وما زال المجتمع العراقي ينتظر الإجابات الشافية، ليتمكن من وضع حد للشكوك، وتكريم روح الدكتورة بان بالبحث الجاد عن الحقيقة، بعيدًا عن أي محاباة أو تبسيط للأحداث.

رحيل بان… لم تُغلق قضيتها بمجرد إعلان وفاتها، بل بقيت حيّة في الضمير الجمعي، مطالبةً بالعدالة والشفافية، لتكون مثالاً على حرص المجتمع على الحقيقة، وعلى أن الحق سيظل حاضرًا مهما طال الزمن

الوسوم: