منصة ثقافية أدبية

لماذا تأخر العراق وتقدمت دول الخليج؟


بتاريخ مايو 20, 2025 | في اراء حرة

المشاهدات : 22


الدكتور ليث شبر

هذا سؤال تلقاه في قلوب العراقيين من دون أن يصرحوا به أو يجيبوا عنه لأنهم يعرفون جيدا كيف كانالعراق وكيف كانت دول الخليج قبل خمسين سنة..

العراق ودول الخليج، رغم اشتراكهما في الثروات النفطية والموقع الجغرافي،لكنهما سارا على مساراتتنموية متباينة. فبينما أصبحت دول الخليج اليوم مراكز اقتصادية عالمية، عانى العراق من تأخر تنمويبسبب عوامل سياسية، اقتصادية، واجتماعية.

في هذا المقال سنستعرض الأسباب الرئيسية، التي أدت إلى تراجع العراق..

1. تحولات النظام السياسي

شهد العراق تحولات سياسية معيقة. الملكية (1921-1958) قدمت استقرارًا نسبيًا، لكنها عانت منهيمنة النخب. ثم انقلاب 1958 أتى بالقومية، ثم سيطر البعث (1968-2003) بنظام شمولي أدى إلىحروب مدمرة (العراقإيران، غزو الكويت).

بعد 2003، أُسس نظام المحاصصة الطائفية والمكوناتية، الذي عمّق الانقسامات، وأضعف المؤسسات،وغذى الفساد. في المقابل، حافظت دول الخليج على أنظمة ملكية مستقرة، مكنتها من التخطيطالاستراتيجي عبر رؤى مثلرؤية السعودية 2030″.

2. الفساد المستشري

الفساد في العراق، خاصة بعد 2003، أعاق التنمية. بحسب منظمة الشفافية الدولية، إذ يُعد العراق منأكثر الدول فسادًا. إذ اختفت مليارات من عائدات النفط في مشاريع وهمية، مما قلّص الاستثمارات فيالتعليم والصحة. بينما دول الخليج، رغم تحدياتها، تبنت إصلاحات لتعزيز الشفافية وتحسين الحوكمة.

3. تهميش الكفاءات بعد 2003

بعد 2003، شهد العراق تهميشًا منهجيًا للكفاءات الوطنية. فحلّ الجيش وإقصاء الكوادر المهنيةبذريعةاجتثاث البعثأديا إلى خسارة خبرات إدارية وعلمية.

نظام المحاصصة فضّل الولاءات السياسية والطائفية على الكفاءة، مما دفع آلاف المهندسين، الأطباء،والأكاديميين للهجرة. هذا النزيف أضعف قدرة العراق على إعادة البناء. في المقابل، استثمرت دولالخليج في استقطاب الكفاءات المحلية والعالمية، مثل برامج التدريب في الإمارات وإنشاء مراكز بحثيةفي قطر.

4. المليشيات وانعدام الأمن

صعود المليشيات المسلحة بعد 2003، خاصة تلك المرتبطة بأجندات خارجية، عزز الفوضى. هذهالجماعات سيطرت على موارد وأعاقت بناء دولة قوية. كما أن ظهور داعش (2014-2017) زاد من الدمارونزوح الملايين. بينما دول الخليج، على النقيض، حافظت على سيطرة الدولة على القوة العسكرية، مماوفر بيئة آمنة للتنمية.

5. التدخلات الخارجية

العراق أصبح ساحة لتدخلات إيران والولايات المتحدة. فإيران دعمت مليشيات وأحزاب، معززة نفوذهافي كل المجالات، بينما أدى الغزو الأمريكي إلى تفكيك الدولة وتفتيت المؤسسات.

هذه التدخلات جعلت العراق رهينة أجندات خارجية. دول الخليج، رغم تحالفاتها الدولية، حافظت علىسيادة قرارها، مستفيدة من علاقاتها لتعزيز مكانتها.

6. إدارة الموارد وتنويع الاقتصاد

دول الخليج استثمرت عائدات النفط في تنويع اقتصاداتها، مثل السياحة في دبي والتكنولوجيا فيالسعودية. العراق ظل معتمدًا على النفط بنسبة تزيد عن 90% من إيراداته، مع غياب تنويع بسببالفساد وعدم الاستقرار.

7. تدهور رأس المال البشري

كان العراق رائدًا تعليميًا في السبعينيات، لكن الحروب والهجرة أديا إلى انهيار التعليم وزيادة الأمية. دولالخليج استثمرت في التعليم، مثل جامعات عالمية في قطر، مما عزز قدرات مواطنيها.

خلاصة القول فإن تأخر العراق يعود إلى أسباب عديدة ؛ نظام سياسي مشوه، فساد مستشرٍ، تهميشالكفاءات، سيطرة المليشيات، وتدخلات خارجية. بينما دول الخليج، بفضل استقرارها وحوكمتها، حققتتقدمًا ملحوظًا.

ومع كل ماذكرناه فللعراق فرصة للنهوض عبر نظام سياسي قادر على مكافحة الفساد، واستعادةالكفاءات، وبناء رؤية تنموية، لكن كل ذلك يتطلب إصلاحات جذرية وإرادة سياسية قوية.

الوسوم: