بعد أن ناقشنا في الحلقتين السابقتين ملف عدد الفرق وضبط سوق المحترفين ثم واقع المواهب والاتفاقية الدولية مع لاليغا نصل اليوم إلى الأساس الحقيقي لأي مشروع احترافي بناء فرق الفئات العمرية وتطبيق جاد لما تم توقيعه باسم الكرة العراقية.
إن الاحتراف الحقيقي لا يبدأ بتوقيع العقود أو التقاط الصور بل ينطلق من تأسيس فرق الفئات العمرية والأكاديميات التي تخرج اللاعبين منذ الصغر حيث إن أنديتنا اليوم مطالبة بامتلاك فرق سنية تتدرج من فئة تحت 15 إلى تحت 21 وفق رؤية فنية واضحة ليس مجرد استكمال ملفات التسجيل وتوضع على رفوف اتحاد الكرة بل لبناء جيل قادر على المنافسة.
وبعد توقيع اتفاقية اتحاد الكرة العراقي مع رابطة الدوري الإسباني لتنظيم دوري نجوم العراق دخلنا رسمياً عالم الاحتراف لكن تطبيق هذا التحول لن يكتمل من دون وجود أكاديميات حقيقية ومدربين مؤهلين وفرق سنية نشطة لا صور فقط ترفع ثم تنسى.
أحبتي إن سياسة خذوهم صغاراً ليست مقولة شعبية عابرة بل منهجاً عالمياً لصناعة اللاعب وتحقيق القيمة الفنية والاقتصادية للأندية.
اللاعب العراقي لا تنقصه الموهبة بل يحتاج بيئة صحية ومدرباً يصقله ونظاماً ينصفه.
وانا أعتقد أن الساحة العراقية تزخر بمدربين على أعلى المستويات لكنهم بحاجة إلى فرصة حقيقية بعيداً عن المحسوبية والمنسوبية
ومن الأمثلة الحية على هذا البناء الصحيح اللاعب زيدان إقبال الذي نشأ احترافياً في أكاديمية مانشستر يونايتد ويخوض الآن تجربة متميزة في الدوري الهولندي عبر نادي أوتريخت وقدم نفسه للمنتخب العراقي كنموذج رصين للتكوين الكروي.
كما أن علي الحمادي لاعب ستوك سيتي الإنجليزي ومعظم المحترفين العراقيين في أوروبا الذين التحقوا بصفوف المنتخب الوطني هم نتاج أنظمة تدريبية متكاملة بدأت من الطفولة وهذا ما نفتقده محلياً رغم وفرة المواهب في الأحياء والملاعب الشعبية.
من جهة أخرى فإن الدولة العراقية لم تتوان عن دعم هذه التجربة الاحترافية وساهمت بشكل كبير في توقيع الاتفاقيات ودفعت التمويلات وفتحت الباب لمنظومة دعم غير مسبوقة.
ولذا فإن المسؤولية الآن لا تقتصر على جهة واحدة بل هي مسؤولية تشاركية بين الدولة كراعية والأندية كمنفذة والاتحاد كمنظم والجمهور كشريك.
المقر الذي افتتحته لاليغا في بغداد ووصول الخبراء الإسبان مع توفير سكن يليق بهم في إحدى مجمعات العاصمة الفخمة
كلها مؤشرات إيجابية لكنها ستبقى رمزية ما لم تبنى عليها مشاريع فعلية داخل الأندية وتترجم إلى أرض الواقع
لذلك أرى ضرورة العمل على النقاط التالية
1_ إعادة النظر في اتفاقية لاليغا بعد أن أثبتت فشلها وعدم جدواها فالتجربة الإسبانية لم تتناسب مع واقع الكرة العراقية والمدارس التدريبية القادمة من إسبانيا لم تقدم الإضافة المطلوبة كتجربة المدرب خيسوس كاساس مع المنتخب الوطني التي انتهت بفشل كبير وكذلك تجربة الإسباني باولو مع نادي الميناء التي ولدت ميتة المطلوب اليوم هو البحث عن مدرسة تدريبية تلائم بيئة اللاعب العراقي وتفهم خصوصياته الفنية والنفسية
2_ تشكيل لجنة من خبراء اللعبة لوضع خطة عمل واضحة لتطوير الفئات العمرية بالتنسيق مع الوزارات المعنية لضمان الإشراف والمتابعة وتنفيذ المشروع على أرض الواقع.
3_ تشكيل لجنة عليا مختصة لمتابعة مشروع الفئات العمرية على أن تقدم تقريراً نصف سنوي لتقييم الأداء ودراسة التحديات واقتراح الحلول.
4_ تخصيص راتب شهري ثابت ومجز للاعبين في الفئات السنية داخل الأندية لضمان الاستقرار والتحفيز
5_ إطلاق مشروع وطني لصناعة المواهب من الأحياء الشعبية باعتبارها المنجم الحقيقي للطاقة الكروية.
6_ مكافحة تزوير الأعمار بوصفه آفة تهدد الرياضة العراقية عبر رقابة مشتركة بين وزارة الداخلية وإدارات الأندية من جهة وأولياء الأمور من جهة أخرى
7_ اختيار مدربين للفئات العمرية على أساس الكفاءة التربوية والعلمية بعيدًا عن المجاملات.
8_ الاهتمام بدرس الرياضة في المدارس واعتباره درساً أساسياً من خلال تنسيق فعال بين وزارة الشباب والرياضة ووزارة التربية لضمان أن لا يبقى هذا الدرس على الهامش بل يتحول إلى بوابة لاكتشاف المواهب
9_ مخاطبة قناة الوطن العراقية الرياضية لدعم مشروع الفئات العمرية إعلامياً مع تعديل قوانين الاتحاد لإلزام الأندية بتأسيس فرق سنية نشطة كشرط أساسي للمشاركة في البطولات.
10_ دعوة السادة رؤساء مجالس المحافظات إلى تخصيص قطع أراضٍ لإنشاء أكاديميات رياضية دعماً لمشروع الفئات العمرية.
أعزائي علينا أن نعمل ونتعلم من التجربتين القطرية والسعودية في بناء المواهب فالتعلم ليس عيباً والدول المتطورة بدأت من هنا
سطور أخيرة
الاهتمام بالفئات العمرية هو حجر الأساس لصناعة أجيال جديدة من النجوم في الكرة العراقية وركيزة لا غنى عنها للنهوض بالواقع الرياضي
