حيدر الأداني
يُعتبر العالم مكانا جميلاً بتنوعه الثقافي الغني ، إذ لا تكتمل الحياة دون هذا الجمال الفريد الذي تقدمهكل ثقافة من مكوناته . فلكل شعب بصمته الخاصة التي تُعبر عن هويته سواء من خلال الأزياء التقليديةأو العادات أو التصرفات اليومية. هذه العناصر جميعها تشكل لوحة إنسانية غنية تُجسد التنوع البشريبأبهى صوره .
وفي الوقت الذي يسعى فيه الجميع ، على الرغم من اختلافاتهم إلى العيش الكريم نجد أن معظم الدولالتي تحتضن تنوعا ثقافيا تُمنح جمالية خاصة تُعزز من مكانتها و هيبتها على الصعيدين الداخلي و الدولي. في المقابل تعاني الدول التي لا تحترم هذا التنوع أو تفتقر إلى القوانين التي تصونه من انتشار الطائفيةو الكراهية، مما يؤدي إلى تخلفها و تدهورها. وقد فقدت العديد من الدول جمالها الثقافي بسبب هذهالظواهر السلبية و هي اليوم تدفع ثمن الانقسام .
العراق على وجه الخصوص يُعد نموذجا فريدا لتعدد المكونات حيث يعيش فيه مزيج من المجتمعاتالتي تمتلك تقاليدها و طقوسها الخاصة. هذا التنوع يمنح العراق جمالية ثقافية لا مثيل لها ، لكنللأسف، فإن غياب التواصل الفعال بين هذه الأطياف أدى إلى ظهور فجوات في التفاهم و المعلوماتالمتبادلة ، الأمر الذي تسبب في كثير من الأحيان في نظرة سلبية تجاه “الآخر” و ساعد في تعميق مظاهرالعنصرية والطائفية داخل المجتمع .
لتعزيز الوحدة الوطنية و التفاهم بين مكونات المجتمع لا بد من العمل على تقوية الروابط الاجتماعيةمن خلال تنظيم فعاليات و مناسبات مجتمعية تشرك جميع الأطياف يمكن أن تتجلى هذه الفعاليات فيمهرجانات شعبية تعرض فيها الفنون و التراث و الثقافات المختلفة ، ما يُعزز من التقدير المتبادل ويرسخ مشاعر الانتماء الوطني كما أن تنظيم ندوات و مؤتمرات تعنى بالحوار الثقافي و تبادل الأفكاريُساهم في الفهم المشترك بين المواطنين .
اضافة إلى ذلك ، يلعب الإعلام دورا جوهريآ في ترسيخ قيم التفاهم و الانفتاح و من المهم أن تخصصالدولة قنوات فضائية أو برامج إعلامية تسلط الضوء على عادات و تقاليد مختلف المكونات العراقية . هذه القنوات يمكن أن تقدم محتوى وثائقيا و تعليميا يعرف العراقيين والعالم أجمع بالثراء الثقافي الذييزخر به البلد مثل هذه المبادرات الإعلامية ستسهم في تعزيز الوحدة الوطنية ، و تصدرصورة إيجابيةعن العراق كبلد متعدد الثقافات.
إن العراق سيبقى وطنا واحدا بجميع أطيافه، وإن تقوية العلاقات الاجتماعية بين أبنائه و تعزيز التفاهمالمتبادل سيُسهم في بناء مجتمع أكثر تماسكا واستقرارا .