نصير جبرين
الثعالب مهما كبرت لا تصبح أسوداً
هذا الزمن المغشوش الذي ولد في رحم اللاشرعية ، أكثر ما يقال عنه انه زمن زنيم ، وهذا المكان الذي تمرد على كينونته أفضل ما يوصف أنه مكان نغل ، وبين هذا وذاك تموت العصافير على أغصانها ، وتنتحر الأشواق في الصدور ، ويصلب الغناء على أوتار الحناجر . ولا شيء غير الأفاعي التي ترضع الحياة بالسموم ، والثعالب مهما سمنت لا تصبح أسودا .
ايقاعات حزينة على أوتار الوطن
أبوابي المؤصدة تبحث عن مفاتيحها ، وفي غرفي السرّية التي يحكمها الاختناق ثمة أجواء مغسولة بالدخان تتصيد المنافذ للخروج من شقوقها ، وعلى امتداد الأفق المغمور بالعتمة تظهر نجمة يتيمة سرعان ما يلتهمها الظلام ، وعلى الأرض المزروعة بالجدب لا ترى غير قطعان الثعالب وهي تتظاهر بالهيبة والوقار ، وأنت تدرك جيدا ، انّ الثعالب مهما امتلأت لا تصبح أسودا ، فالأسد غير ابن آوى حتى لو مسّه الضر وأكلت أطرافه عوادي الزمن .
في تلك اللحظات التي تسودها الفوضى ، وتشتبك بين أروقتها عبثية الزمن الطافح بالخزي مع ضبابية المكان المسحوق تحت أظافر اللاوعي ، يكون البحث عن المضمون نوعا من أنواع الجنون ، وضربا من ضروب الهذيان .
وعندما يلتحم صدق العناوين بزيفها في مهرجان التهريج ، تكون بؤرة الكشف أبعد من الثريّا ، وتكون محاولة الإمساك بها نوعا من العبث .
وبين دهاليز الليل الوعرة ، حيث اصطكاك الظلام بالظلام والتحام الهزيمة بالأخرى يدخل البحث عن الشمس في عالم الضحك على الذات والالتفاف على الحقيقة ، وأنت تدرك أنّ الخنازير لا تمنح الحياة تألقا ،
في زمن الإغلاق والقحط ، يكون الشيطان حاذقا في توسيع مملكته ، وتجنيد أتباعه من الرؤوس المتخفية بطاقيات المثل العليا، وعلى قرع طبوله تغرق الدنيا ببحر الدجل والزيف والرياء ، وعلى نعيق تراتيله ، ينتظم الجمع الموتور لينشد أناشيد الوطنية المزيفّة ، والولاء الكاذب للوطن ، وأنت تدرك جيدا أنّ جلود الفئران لا تصدّر العطور ، والثعالب مهما اعتلت لا تصبح أسودا .
أبوابي المؤصدة فقدت مفاتيحها المهذبة الرقيقة التي كانت تفتحها بيسر لم تعد قادرة على الفتح ، وأبوابي تصرخ في عتمة الليل عن فأس يحطم أقفالها ، ويجعلها مشرعة للريح والشمس قبل أن يأكلها التسوس ، ويحيلها الصدأ إلى رماد ، وفأسي تحت أبطي ، ولابدّ من الطرق على الأبواب ، لعلّ أحدا يسمع أو يقرأ أو يدرك أنّ دعاة الزنا بقيم الحياة لا يعرفون الفضيلة ، والثعالب مهما احتقنت بالباطل لا تصبح أسودا .
الدماء المتناثرة على تراب الوطن لا يزهر غير الحقد والثأر والضغينة ، والثعالب مهما امتطت صهوة القوة لا تصبح أسودا .
ثعالب السلطة تبقى ثعالبا حتى لو ارتفع صوتها وازداد رصيدها وكثر المنافقون حولها ..
I got what you intend, regards for posting.Woh I am pleased to find this website through google.
I conceive you have mentioned some very interesting points, appreciate it for the post.
I will immediately grab your rss as I can not find your email subscription link or e-newsletter service. Do you have any? Please let me know so that I could subscribe. Thanks.