تغليب الهوية الفرعية على الهوية الأم

تغليب الهوية الفرعية على الهوية الأم

نصير جبرين
الصراعات الدموية في البلد الواحد ، والحروب بين البلدان ، والخلافات التي انقلبت الى مستنقعات للأحقاد والثارات ، والتصريحات التي تخرج علينا كل صباح والتي تتضمن التهديد والوعيد والتلويح بالعصا الغليظة ، جميعها تنذر بوقوع فجيعة في هذه المنطقة.
أن تقشر أصابعك بالتصفيق الحاد دون علم بالأسباب التي دعتك لهذا التصفيق فهذا هو الغباء ، أو تجعل حنجرتك بوقا للمديح والهجاء لهذا الطرف أو ذاك فهذه السذاجة ، ومن يريد تعلم السباحة فعليه بالبحار العميقة وليس في غرف النوم .
في عالمنا اليوم ثمة سيناريوهات معلبة وجاهزة ومصدرة ، ومشاريع خطيرة أعلنها أصحابها على مرأى ومسمع العالم أجمع ، ولأن ما يحدث يحمل من الخطورة الكثير فلابد من مواجهته بحذر ودراية وذكاء .
عالمنا اليوم بعد ان اتضحت الصورة أكثر ، يقف على فوهة بركان ، فاذا ما انفجر وتصاعدت حممه فسوف يحرق ما تبقى من الأخضر واليابس ، وستكون الطبقات الفقيرة المعدمة شهية لنيرانه ، ومن يرسم صورة ملونة جميلة انما يحاول دفع رأسه الى حاضنات الوهم ، فالظاهرة السياسية لا تفسر وفق العواطف الساذجة ، ولا مجال للنوايا المضمرة والمكشوفة في معرفة أبعادها وتأثيرها .
ما يزيد الطين بلة ، والصورة عتمة يتلخص في ان السياسيين الذين يدفعون الاحداث باتجاه الهزيمة ، اعتمدوا على الساذجين ، وبدلا من ان ينيروا الدرب لهم ، ويضعوهم أمام ما يحدث ، بدأ كل واحد من هؤلاء السياسيين يطفى شمعته ويمارس مع هؤلاء طقوس الظلام لكسب ودهم ، ومسايرة عواطفهم ، وهي ظاهرة ربما تحدث لأول مرة في التاريخ السياسي الحديث ، وأصبح الجمهور العريض يشكل سياجا للسياسي ، وهو لا يميز بين ما ينفعه وما يضره ، وبهذا ظهرت خارطة سياسية جديدة قائمة على صراع الاجنحة ، في فضاء سياسي واسع يعتقد كل جناح فيه بانه القادر على تحقيق الانتصارات الباهرة والحاق الضرر الفادح بالآخرين ، وانه القادر على دفع الحياة الى بر الامان ، وبدأ الجميع يدخل الى عالم الوهم من خلال هتاف وتصفيق الأسيجة الرثة من الشعوب .
المشهد السياسي لعموم المنطقة يعاني من ازمات حادة ، وتصدعات خطيرة نتيجة تغليب الهويات الفرعية على الهوية الأم ، مما خلق المزيد من التخندقات والاصطفافات التي ابعدت الشعب المتمثلة بالمصلحة الوطنية ، حيث لا توجد مصلحة أخرى أعلى من مصلحة الوطن والشعب ،ولا يوجد هدف أسمى من الهدف الذي يتجه نحو الوطن ، وفي خضم ما يحدث ومع سرعة وتيرة التهديدات فلابد من ممارسة أقصى حالات الحيطة والحذر ودفع سفينة الوطن الى بر الامن والأمان وهي مهمة تحتاج الى مهارة عالية لا يجيدها غير الرجال
نعم الارادة، اذا كانت نابعة من ضمير حي يقض، وحكمة عالية، نعبر إلى بر الامان
ان اجيالنا السالفه واللاحقه غير مؤهله لصنع قيادات سياسيه تاريخيه وتجربة نموذج بقدر انتاجها للعملاء والخونه فالقديم قد ولى والجديد لم يولد بعد……

One thought on “تغليب الهوية الفرعية على الهوية الأم

  1. إذا لم تلغى الهويات الفرعية سننغمس في حرب أهلية
    فعلا ستحرق الأخضر واليابس، ولكن إذا سيطرت الإدارة في بسط الأمن سننعم بالأمان
    ملخص مقالكم الذي تفوح منه رائحة الوطنية العبقة.
    احسنتم استاذ نصير موفقين أن شاء الله

اترك رداً على المحامي فاضل الزرفي إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *