لم تعرف الساحة الكروية العراقية خلال العقدين الأخيرين حالة من الهدوء والاستقرار كما نشهده اليوم على مستوى إدارة المنتخب الوطني. هذا الاستقرار هو ثمرة عمل احترافي هادئ وجهد كبير يبذله المدير الإداري مصطفى جلال، الذي تسلّم المنتخب وهو أشبه بركام، وبشهادة الجميع استطاع في وقت قصير أن يعيد ترتيب الأوراق ويمنح الفريق حياة جديدة بعد سنوات طويلة من المعاناة.
وفي خطوة أصفها شخصيًا بأنها مزيج من الشجاعة وحب الوطن، قبل جلال مهمة إدارة دفة المنتخب إداريًا رغم صعوبتها وتعقيدها. كانت خطوة جريئة أثبتت أن الإرادة الصادقة قادرة على تحويل الفشل إلى نجاح، وأن النجاح ممكن حين تتوفر مقوماته ويقوده عقل منظم وروح وطنية. كما أثبت أن فن الإدارة هو العامل الرئيسي في تحقيق الانتصارات، حين تكون النفوس نقية والنية سليمة، وحين تعلو مصلحة الكرة العراقية فوق الحسابات الشخصية الضيقة.
لقد مرت الكرة العراقية بفترة مظلمة كادت أن تضيع في دهاليز المتسلقين والانتهازيين حاملي الحقائب، وأنا شخصيًا أكدت مرارًا أنه لن تقوم قائمة لمنتخبنا الوطني إلا بالتغيير الجذري، وهو ما تحقق في وقت قياسي ليعود المنتخب إلى مساره الصحيح ويستعيد شيئًا من عافيته.
جلال لا يبحث عن استعراض إعلامي ولا عن لايكات على مواقع التواصل الاجتماعي، وليس من رواد المطاعم الفاخرة، بل يعمل بعيدًا عن الأضواء، واضعًا نصب عينيه هدفًا واحدًا هو العراق ولا شيء غيره. إنه رجل نزيه ومخلص في عمله، لذلك كسب ثقة الجميع وأثبت أن القيادة الحقيقية لا تحتاج إلى موامرات وتدليس للحقيقة وتفضيل المصالح الشخصية بل إلى إرادة راسخة.
هذا عهدنا بالرجال المخلصين، ومشاركتنا المشرفة في بطولة كأس العرب ليست سوى محطة، أما الهدف الأسمى فيبقى التأهل إلى كأس العالم وتحقيق حلم الجماهير العراقية الذي طال انتظاره.
والله من وراء القصد.

