منصة ثقافية أدبية

جسد المرأة… آية / محمد عبد الجبار الشبوط


بتاريخ نوفمبر 15, 2025 | في مقالات

المشاهدات : 16


محمد عبد الجبار الشبوط

لماذا نقول إن جسد المرأة آية؟

لأن الله حين خلق الحياة أول مرة، خلقها في الطبيعة من العدم، خلق آدم من تراب الأرض ومن نفخةالروح، وكان ذلك الخلق حدثًا واحدًا فريدًا في تاريخ الوجود. لكن الله، بعد أن أبدع الحياة الأولى، لم يكررطريقة الخلق تلك، بل اختار أن يجعل الرحمفي جسد المرأةالمكان الذي يعيد فيه إنتاج الحياةملايين بل مليارات المرات. ومنذ تلك اللحظة، صار جسد المرأة موضع استمرار الخلق الإلهي في العالم.

فما كان في البدء فعلًا كونيًا واحدًا، صار في الرحم فعلًا يوميًا متجددًا، يحمل في داخله نفس السرالقديم: سر تحويل العدم إلى وجود، وسر الجمع بين الروح والمادة، بين الغيب والشهود، بين النطفةوالنفس، بين الدم والنور. وفي كل مرة تُخلق فيها نفس جديدة في رحم امرأة، يتجلى الله من جديد فيصورة القادر على إعادة الحياة، لا بمعجزة خارقة بل بسنّة دائمة، وهذا هو وجه الإعجاز الأعظم.

لذلك نقول إن الرحم هو موضع التجلي المستمر للخلق الإلهي، وإن جسد المرأةبما يحمله من قدرةعلى الحمل والاحتضان والرعاية والولادةهو المكان الذي يتجلى فيه الله بالفعل لا بالرمز، أي بقدرةالخلق ذاتها. فكل مولود هو آية جديدة، وكل رحم هو محراب تتكرر فيه المعجزة، وكل امرأة تحمل فيجسدها بابًا مفتوحًا بين الغيب والشهادة.

ولهذا، لا يمكن النظر إلى جسد المرأة نظرة سطحية أو حسية فقط، لأنه موضع سرّ الخلق الإلهيالمستمر، ولأن وجوده في ذاته إعلان دائم أن الله لم يغلق باب الحياة بعد، بل أبقاه مفتوحًا في جسدالأنثى، لتظل الحياة تفيض من رحمها كما فاضت أول مرة من التراب.

فجسد المرأة ليس مجرد كيان بيولوجي، بل ساحة مقدسة يتجلى فيها معنى القدرة الإلهية، ولهذا هوآية، آية من آيات الله الكبرى، لا تُقرأ بالنظر إلى تفاصيلها، بل بالفهم الذي يدرك أن استمرار الحياة هواستمرار فعل الله في العالم.

(من كتاب جسد المرأة كآية للكاتب)

الوسوم: