منصة ثقافية أدبية

طلاب الوقف الشيعي إلى أين؟


بتاريخ أكتوبر 15, 2025 | في اراء حرة

المشاهدات : 66


فلاح الكلابي

بماذا ينفع الوقف الشيعي أبناءه؟ سؤال يتكرر في أذهان كثير من الطلبة وأهاليهم كل عام، لكن لا أحد يجد جواباً واضحاً. بعد كل ما يسمعونه عن دعم التعليم وخدمة المجتمع، يصطدمون في النهاية بواقع مختلف تماماً. فطلاب مدارس الوقف الشيعي يدرسون ثلاث سنوات مليئة بالتعب والالتزام والدروس الصعبة، ويدخلون امتحانات وزارية لا تقل عن امتحانات وزارة التربية من حيث الصعوبة والدقة، ومع ذلك تكون نسب النجاح ضعيفة جداً، وفي النهاية يُفاجأون بأن أبواب القبول الجامعي مغلقة تقريباً أمامهم. حتى جامعة الكاظم، التي يُفترض أنها تابعة للوقف نفسه، لا تقبل أغلبهم إلا في كلية السياحة فقط، وكأن كل تعبهم وسنين دراستهم ذهبت بلا فائدة.

في المقابل، نرى أن الوقف السني يتعامل مع طلابه بطريقة مختلفة تماماً، فهناك اهتمام واضح بمستقبلهم، وتنسيق دائم مع الجامعات، وتسهيلات حقيقية في القبول، لأنهم يفكرون بمنطق الدعم والرعاية، لا بمنطق التعقيد والبيروقراطية. أما في الوقف الشيعي، فكل شيء يبدو صعباً، من المعاملة إلى المقابلة إلى الوصول للمسؤول. الأبواب مغلقة، والمراجعات طويلة، ولا أحد يسمع شكوى الطلاب أو يفهم معاناتهم.

إذا كان الوقف الشيعي يصرف مبالغ كبيرة على مدارسه ومناهجه، فمن حق الناس أن يسألوا: أين تذهب هذه الأموال؟ ولماذا لا ينعكس هذا الصرف على واقع الطلبة؟ ما الفائدة من مدارس لا تفتح لهم طريقاً إلى الجامعة؟ وما الجدوى من إدارة لا تعرف كيف تتعامل مع مشاكلهم أو حتى تستمع إليهم؟

المشكلة الحقيقية ليست في الطلبة ولا في المناهج فقط، بل في غياب التخطيط والمتابعة. لا توجد رؤية واضحة لما بعد التخرج، ولا مسارات حقيقية للقبول، ولا اهتمام جدي بتأهيل الطلبة للمرحلة الجامعية. كل ما هنالك نظام إداري معقّد، ومسؤولون يصعب الوصول إليهم، ووعود تتكرر في كل عام دون أي تغيير.

إن الوقف الشيعي بحاجة إلى مراجعة داخلية شاملة، تبدأ من رأس الهرم إلى أصغر دائرة. يجب أن يكون هناك وضوح في نسب النجاح، ومعايير محددة للقبول، وتخصيص مقاعد حقيقية لخريجي مدارسه في كلياته، بدل تركهم في المجهول. يجب أن تُفتح الأبواب أمام الطلبة وذويهم، وأن يكون هناك مكتب خاص يستقبل شكاواهم ويساعدهم في الحل، لا أن يضطروا للانتظار أسابيع بلا نتيجة.

ما يريده الطلبة بسيط جداً: عدالة في المعاملة، واهتمام حقيقي بمستقبلهم. يريدون أن يشعروا أن الوقف الذي يحمل اسمهم يقف معهم لا ضدهم، وأن شهاداتهم لها قيمة، وجهدهم لا يضيع بسبب سوء الإدارة أو التعقيد. فحين يتحول الوقف إلى مؤسسة مغلقة، وينسى هدفه الأساسي في دعم العلم والطلبة، يفقد معناه الحقيقي.

من المؤسف أن يتحول حلم التعليم عند هؤلاء الشباب إلى خيبة أمل، وأن تكون النتيجة النهائية لكل سنواتهم مجرد ورقة لا تفتح باباً واحداً. المطلوب اليوم موقف صريح من مسؤولي الوقف: إما أن يعيدوا النظر في سياستهم، أو أن يعترفوا بأن النظام الحالي فاشل ويحتاج إلى إصلاح حقيقي قبل أن تضيع أجيال أخرى.

 

 

الوسوم: