-1-
التناقض بين الأقوال والافعال ظاهرة ملحوظة في سلوك الكثيرين ، ولا سيما أولئك الذين يتسلطون على الرقاب ويحكمون بالحديد والنار .
-2-
المثال البارز في الغلظة والقسوة وسفك الدماء وانتهاك الحرمات هو الحجاج بن يوسف الثقفي .
فاسمعه ماذا كان يقول في خطبه :
صعد المنبر يوم الجمعة فقال :
« امرؤ حاسب نفسه ،
امرؤ راقب ربَّه ،
امرؤ زوَّر عمله ( أي حٍَسنه )
امرؤ فكر فيما يقرؤه غداً في صحيفته ويراه في ميزانه .
امرؤ كان عند همه آمرا ،
وعند هواه زاجرا ،
امرؤ اخذ بعنان قلبه كما يأخذ الرجل بخطام جَمَله ،
فانْ قاده الى حقٍ تبعه ،
وان قاده الى معصية الله كفّه ،
اننا ما خلقنا للفناء وانما خلقنا للبقاء وانما ننتقل من دار الى دار «
-3 –
من يسمع هذه الخطبة يخيل اليه انها صدرت من رجل شديد المراقبة لنفسه حريص على ان لا يتورط باية معصية …
ومن يقرأ سيرة الحجاج يجد انه احد الجلادين الكبار في التاريخ ،
اما ضحايا إجرامه ومن قتلهم بسيفه فانّ من الصعب على الباحث ان يحصي اعدادهم
وهكذا يكون الدجل والضحك على الذقون .
-4-
وليس هذا التناقض بين الاقوال والاعمال مختصاً بالحجاج وانما هو نهج ملحوظ عند الكثير من السلطويين اليوم .
-5-
فهل التاريخ يعيد نفسه – كما قيل – ؟
-6-
ومن الطريف أنْ ننقل لكم قصة رجل حلف بالطلاق : إنّ الحجاج في النار ، ثم أتى زوجته فمنعته من نفسها ، فأتى ابن شبرمة يستفتيه فقال :
يا ابن اخي :
امضِ فكن مع أهلك ، فانّ الحجاج إنْ لم يكن من اهل النار فلا يضرك أنْ تزني .
