منصة ثقافية أدبية

طهران والقاهرة يخلطان الأوراق في الشرق الأوسط 


بتاريخ يونيو 9, 2025 | في مقالات

المشاهدات : 43


كتب المحرر السياسي للمستقل:

زيارة وزير الخارجية الإيراني ” عباس عراقچي ” بدعوة من وزير الخارجية المصري ” بدر عبد العاطي ” لم تكن حدثاً عادياً في ظل الظروف المعقدة التي تمر بها المنطقة ، وفي ظل علاقات مصرية خليجية متوترة، ففي الزيارة دلالات متعددة، ورسائل مقصودة، اراد الطرفان المصري والإيراني إرسالها الى دول بعينها .

سيما وان الزيارة شهدت لقاء مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ” روفائيل غروسي ”

يرى الإيرانيون ويشاركهم الكثير من المصريين ان القاهرة رقماً صعباً في معادلة الامن والاستقرار في الشرق الأوسط، وأنها قادرة على التأثير في التحالفات الاقليمية والدولية .

فالتقارب المصري مع الصين خير دليل على قدرة مصر على تغيير بوصلة العلاقات الدولية في المنطقة، فقد قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في معرض حديثه عن الصين. ان ” القاهرة تتطلع إلى الزيارة المرتقبة للرئيس الصيني شي جين بينغ إلى مصر، واصفًا إياها بأنها لحظة محورية من شأنها أن تُحدث نقلة كبيرة في العلاقات الثنائية وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون، مشددًا على أن المناخ الإقليمي والدولي الحالي يفرض ضرورة تعميق التعاون بين مصر والصين، خاصة في مجالات التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار الإقليمي” كلام وزير الخارجية المصري كان بمثابة رسالة موجة لواشنطن ، نتيجة إعراضها عن مصر .

واليوم جاء دور الرسالة المصرية الثانية عبر زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى القاهرة وهو يحمل رسالة خطية من الرئيس الإيراني ” بزشكيان ” ، لتقول من خلال الزيارة ان مصر قادرة على صناعة تحالفات بعيدة عن التوجهات الأمريكية .

لكن ما يسجل لايران هو استغلال فرصة توتر العلاقات الخليجية المصرية من جهة، والمصرية الامريكة من جهة ثانية ، فقد سارعت ايران لمد جسورها إلى مصر .

فقد سبقت زيارة عراقچي إلى القاهرة ، اشادة للمرشد الأعلى للثورة في ايران ” السيد الخامنئي” بمصر ومكانة مصر الدولية ، كما أعرب عن رغبة إيران بتحسين العلاقات مع مصر ، وقد مرر الإيرانيون رسائل عبر عمان بهذه الرغبة قبل ذلك .

لكن ايران كانت تراقب عن كثب سير العلاقات المصرية الخليجية ، خصوصاً بعد رفض القاهرة تهجير الفلسطينيين ، وتخلي دول الخليج عن مصر ، وهم يعلمون ان مصر تمر بازمة مالية حادة ، فقد كشفت تقارير اقتصادية دولية بالفترة الأخيرة، عن مواجهة مصر صعوبات في بيع أصول الدولة وجذب الاستثمارات الخليجية ضمن جهودها لتخفيف أزمة العملة الأجنبية والتمويل، وذلك تزامناً مع تشديد دول الخليج من صرامة نهجهم في دعم مصر، ووضعهم مزيداً من الشروط الصعبة.

فيما قال صندوق النقد الدولي، إن تأمين الحصول على التمويل الخليجي أمر “ضروري” بالنسبة لمصر لسد الفجوة التمويلية البالغة نحو 17 مليار دولار في السنوات القليلة المقبلة.

ومما زاد في حدة الخلاف بين القاهرة والعواصم الخليجية، كما ذكرت قناة ” بي بي سي ” البريطانية ، هو الدعوات الخليجية لعدم مساعدة مصر، وقد انطلقت هذه التصريحات من السعودية وأخرى من الكويت ، فيما رأى البعض من الخليجيين أن مصر لا تستحق المساعدة.

يرى المصريون ان دول الخليج التي تغدق التريليونات على ترامب ، وتدعم الاقتصاد الأمريكي ، لكنها تبخل على المصريين ببعض المليارات .

هذا الوضع حفز الإيرانيين للتواصل مع مصر ، فايران التي فقدت سوريا تبحث عن حليف عربي قوي يتوافق معها في الرؤية في العدوان الاسرائيلي على غزة، وكذلك الموقف من الواقع السوري، الذي تعترض عليه مصر اصلاً ، كما ان ايران بحاجة لهذا التقارب في الشرق الأوسط ، وهي تخوض مفاوضات شبه فاشلة مع الولايات المتحدة حول برنامجها النووي.

مصر من جانبها ارادت بهذا التقارب مع طهران ارسال رسائل لأمريكا وإسرائيل ودول الخليج .

فاسرائيل التي تهدد بضرب إيران ترى القاهرة ترحب بالعلاقات مع طهران ، هذه الخطوة أزعجت اسرائيل كثيراً ، كما ذكر الكاتب الإسرائيلي ” ارئيل كهانا” في صحيفة ” اسرائيل. اليوم” « أن تطورات الأحداث “تشعل أضواء التحذير على خريطة الشرق الأوسط من كل صوب»

ونوه الكاتب في وقت سابق عن افتتاح السفارة الإيرانية في الرياض إلى أنه “في الوقت الذي تغرق فيه القيادة “الإسرائيلية” في خيالات التطبيع مع السعودية، لكن الواقع لسبب ما يرفض أن يسير على خطنا حسب النظرية، والصفائح التكتونية تتحرك نحو طهران، بينما “إسرائيل” تبقى وحدها”.

واليوم مصر تتقارب مع طهران ، وتسيير رحلاتها الجوية إلى ايران .

ربما يقول البعض ما تستفيد القاهرة من طهران وايران مفلسة وعليها حصار خانق ، هؤلاء تناسوا ان ايران ومصر دولتان كبيرتان في المنطقة ، وان التقارب بينهما سيشعل غيض المتجاهلين لمصر ، وان العلاقة المصرية الإيرانية قادرة على خلط الأوراق في الشرق الأوسط .

 

الوسوم: