ناجي الغزي/ باحث سياسي واقتصادي
تواصل قناة البغدادية انحدارها المهني والاخلاقي، في واحدة من أكثر حملات التشويه وقاحةً وتزويراً، وفي توقيتٍ انتخابي واضح المعالم ، نشرت قناة البغدادية وثيقة مزعومة ادعت أنها تثبت سحب السيد نوري كامل المالكي زعيم إئتلاف دولة القانون مبلغ 4 مليارات دولار من البنك المركزي العراقي عام 2015، وتم توزيعه على شخصيات سياسية مقربة منه، وهي كل من: النائب حنان الفتلاوي والنائب حسين المالكي. وتزعم القناة أن المبلغ قُسِّم بينهما، متناسية أبسط بديهيات المنطق السياسي والإداري. ودون أي إثبات قانوني أو سياق إداري يربط المالكي بهذه العملية. ومن أجل كشف التضليل المتعمد، نوضح ما يلي للرأي العام:
*أولاً: التدقيق الزمني يفضح الكذب*
الوثيقة الرسمية التي استندت إليها حسب ادعاء القناة صادرة من البنك المركزي العراقي، ومؤرخة بتاريخ 10/12/2015، وموقعة من قبل السيد علي محسن العلاق، المعروف بانتمائه لحزب الدعوة وقربه من السيد المالكي، وموجهة إلى مكتب رئيس مجلس القضاء الأعلى،- بعنوان شكوى وفساد-، وتتعلق بطلب تحقيق في تحويل مبلغ مالي باسم : النائب حنان الفتلاوي والنائب حسين المالكي, موزعة على كل واحد منهم مليار ونصف دولار.!!!!! وبعدها بعشرة ايام قام مدير الصرف في البنك المركزي بسحب مليار اضافي للنائبين المذكورين, ويصبح المبلغ 4 مليارات دولار حسب ما تدعيه البغدادية.
ووفق ما يعرفه الجميع، فإن السيد نوري المالكي غادر رئاسة الوزراء في 8 أيلول 2014، أي قبل التاريخ المذكور في الوثيقة (10 كانون الأول 2015) بأكثر من عام. وقد تولّى المنصب بعده الدكتور حيدر العبادي، الذي اعتمد سياسة تقشف شديدة نتيجة الأزمة المالية الحادة التي مرت بها البلاد، حيث تم دمج الوزارات، والغاء مناصب رفيعة مثل نواب رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية. وتقليل الإنفاق إلى الحد الأدنى، وحصر الموازنات في مجالات التسليح والدفاع لمواجهة داعش. فكيف يعقل أن يتم سحب مبلغ بهذا الحجم من البنك المركزي عام 2015 دون علم الحكومة التنفيذية، أو دون ضجة سياسية وإعلامية وقتها؟
وبالتالي، فإن ادعاء سحب مبلغ بهذا الحجم في عام 2015 و”نسبه” إلى السيد المالكي، وهو خارج السلطة التنفيذية، هو كذب فاضح ومفضوح قانونياً وإدارياً.
*ثانياً: أكاذيب موسمية بامتياز*
من الواضح أن هذه الحملة الإعلامية جاءت بتوقيت مشبوه، بالتزامن مع إعلان السيد المالكي ترشحه للانتخابات المقبلة في بغداد، ما يشي بأن هناك جهات متضررة من حضوره السياسي تحاول خلط الأوراق باستخدام الإعلام المأجور والتسريبات المفبركة.
هذه ليست المرة الأولى التي يُستهدف فيها المالكي قبيل كل استحقاق انتخابي. والهدف دائماً واحد: هو التشويش على جمهوره، وإضعاف رصيده السياسي، دون دليل أو حجة حقيقية.
*ثالثاً: المساءلة القانونية*
إن ما قامت به قناة البغدادية يُعد تشهيراً علنياً واستغلالاً سياسياً للمعلومة المغلوطة، وهو ما يوجب على السيد نوري المالكي، ومعه الشخصيات التي وردت أسماؤها زوراً في الوثيقة، رفع دعوى قضائية مباشرة ضد قناة البغدادية بتهمة نشر أخبار كاذبة، والتشهير، و التضليل ، والتزوير، وتشويه السمعة، والمطالبة بجبر الضرر المادي والمعنوي، وفق القوانين العراقية النافذة.
وفي هذا السياق نهيب بالمؤسسات القضائية والإعلامية المسؤولة أن تقف أمام هذه الانزلاقات الإعلامية الخطيرة التي تهدد مصداقية العمل الصحفي، وتفتح الباب أمام فوضى الكلمة وابتذال المعلومة. وفتح تحقيق حول دوافع نشر مثل هذه الأكاذيب المضللة، وندعو نقابة الصحفيين العراقيين وهيئة الاعلام والاتصالات إلى اتخاذ موقف حازم إزاء هذه الانتهاكات الصارخة لأخلاقيات الإعلام.