منصة ثقافية أدبية

صاحب القناع لاينقذ وطن


بتاريخ مايو 31, 2025 | في مقالات

المشاهدات : 16


                                 نصير جبرين

في زمن المحاصصات بكل اشكالها وانواعها وصنوفها تقفز قارئة الفنجان لترسم خريطة البلاد والعبادوتتحدث بلسانها الفصيح عن زمن السلام والرخاء والوئام وعن استمرار المسيرة الظافرة .

عندما تضيع بوصلة التوصيل والتوجيه في مناطق الخطأ والصواب تزدهر بضاعة الأقنعة وتنتعش اسواقطاقيات الاخفاء وكمامات التستر ، وعندما يتعالى الصراخ وترتفع الاصوات ينقطع الخيط الدال ويصعبالتمييز بين صفير البلبل وزئير الاسد ونقيق الضفادع .

وعندما تأكل المخدرات فتوة الشباب وتمتص البطالة احلامهم ويتجهون نحو البحار والمحيطات لعلهميجدون فرجا ، تكون الاقنعة قد احكمت قبضتها على الوجوه وتكون الالسن قد انفلتت من عقالهالتمارس حريتها في ممارسة الكذب وهي تعلن عن الانجازات الكبيرة والانتصارات الباهرة .

في ظل ازدهار الاقنعة تزدهر اساليب الضحك على ذقون الفقراء والمساكين والمحرومين وتنتعش لغةالاتهام والتخوين ويصبح اصحاب الاقنعة السميكة اكثر قدرة على ممارسة صناعة البطل الشجاع والقائدالمنقذ والنفخ في البالونات الفارغة ، ويكون الوطن هدفا لتسديد السهام اليه وسط الهتاف باسمه .

في عالم الوجوه المقنعة والملونة بكل مساحيق التضليل الدعائي والتعتيم الاعلامي يكون الصدق غائباعن الحياة ، وعندما يغيب الصدق لا تجد في الميدان غير اصحاب الاقنعة وهم يمارسون طقوسهم علىمسرح الوطن الذي يئن من كثرة السهام المزروعة في قلبه ، ويكون الشعب قد ذاق مرارة الهزيمة رغمكل الشعارات الفارغة التي تمجد دوره وتهتف بحياته .

مشهد الاقنعة ازداد اتساعا وعمقا عندما دخلت النخب الثقافية اليه ، وكل واحد يرتدي قناعه  ويقفز منخندق الى خندق ، ويرمي ولاءه في حضن كل مسؤول طمعا في الحصول على فتات موائده وعطاياه ،،وبدلا من الدور الايجابي الذي يفترض ان يؤديه باعتباره مصدر تنوير انقلب بعضهم الى اداة تخريبووسيلة من وسائل انتشار ظاهرة الظلم الذي راح ضحيتها الكثير من شرائح المجتمع وخاصة الشبابنتيجة تفضيل بعضهم على البعض الآخر ولأسباب لا تمت الى شرائع الله ولا الى احكام المنطق السليم ..

عالم الاقنعة المخيف لا يمكن ان ينقذ وطنا وليس باستطاعته ان يمنح الحياة الحرة الكريمة للشعب ،الاستقلال يتحقق من خلال الارادة والتصميم ونكران الذات ، والحياة القائمة على العدل والمساواة لايمكن ان تقوم الا على اعمدة الايثار والتضحية واشراك الجميع في عملية البناء ، وعالم الاقنعة ليسبمقدوره ان يقدم خيرا لا الى الوطن ولا الى الشعب ، ومن يريد الخير لوطنه وشعبه عليه ان يساهم فيرفع الاقنعة عن الوجوه ويقلب الفنجان على رأس صاحبته ، وان يقطع الالسن الملتوية المتفرعة التيتمارس الخداع ، فميادين الفروسية تكون في الميادين المغمورة بنور الله وليس في دهاليز الاقنعةالغارقة في الظلم .

الوسوم: