منصة ثقافية أدبية

العودة إلى القلم والدفتر رؤية عقلانية للتعليم اللواء الدكتور  سعد معن الموسوي


بتاريخ مايو 14, 2025 | في اراء حرة

المشاهدات : 174


في الوقت الذي تتراجع فيه دول مثل السويد والدنمارك عن استخدام الشاشات والمنصات الإلكترونية داخل الفصول الدراسية لصالح الورقة والقلم تفتح هذه الخطوة الباب لنقاش علمي وتربوي عميق حول أدوات التعليم وحدوده خصوصا في بيئات لا تتوفر فيها بنى تحتية رقمية نموذجية كما هو الحال في بلدنا

 

التحولات في التعليم الغربي لم تأت من فراغ بل استندت إلى دراسات تؤكد أن الإفراط في استخدام الأجهزة يؤدي إلى تراجع في التركيز والذاكرة ويضعف قدرات التحليل والتفكير النقدي هذه المؤشرات تدفعنا للتساؤل حول جدوى تقليد نماذج رقمية مكلفة في بيئة عراقية تواجه تحديات في الكهرباء والاتصال والبنية المؤسسية

 

من جهة أخرى لا يمكن إغفال البعد النفسي لهذا التحول فالتلاميذ الذين يعتمدون على الشاشات لفترات طويلة يعانون من ضعف في المهارات الاجتماعية وارتفاع مستويات القلق واضطرابات النوم كما أن العلاقة بين الطالب والمعلم تتقلص حين تصبح الشاشة وسيطا دائما مما يُضعف أثر التوجيه التربوي ويجعل الطالب متلقيا ساكنا لا فاعلا في بناء معرفته

 

في هذا السياق تبدو العودة إلى الأدوات التقليدية فرصة لإحياء العملية التعليمية كفعل عقلي مباشر وغير معزول عن الجهد والتركيز الذهني فقد كان العلماء الذين غيّروا مجرى التاريخ من إديسون إلى فاراداي وآينشتاين يعملون على دفاترهم يخططون ويحسبون ويجرّبون دون شاشات كانوا يبنون أفكارهم انطلاقا من أدوات بسيطة وعقول يقظة

 

ليس المقصود هنا رفض التكنولوجيا بل دعوتها إلى أن تتراجع خطوة لصالح العقل البشري في بيئة لا تزال بحاجة إلى تعليم يزرع القدرة على الفهم العميق لا مجرد التصفح والتكرار نحن لا نحتاج إلى المزيد من الأجهزة بل إلى إعادة تشكيل المناهج وتدريب المعلمين على تفعيل أدوات التفكير وخلق بيئة تعلم تُنقذ الطالب من الاغتراب الرقمي وتُعيد إليه صلته بالمعرفة كخبرة حيّة ومباشرة

الوسوم: