كاظم المقدادي
مشكلة القمم العربية ، أنها تبدأ بأستعراض الواقع العربي المزري و المعسول ،، مع تجاهل أهمية التحولات السياسية ، والتحالفات الاقليمية والدولية التي تعتمد على استخدام العقول ..!!
راجعوا ،، اول قمة انعقدت في القاهرة سنة 46 بدعوة من الملك فاروق ،، والقمم التي جاءت بعدها ،، كم هو مبلغ التراجعات والانتكاسات والهفوات ، والهنًات ، حتى تحول مفهوم القمة ،، من قمة لأعلى جبل ،، إلى قمة لا ترتفع اكثر من سنام الجمل ،، مع ان الجمل له فوائد من الكتلة الدهنية ، إلى توفير الغذاء ،، من لحوم وحليب ومنسوجات من الألياف ولبًاد من الوبر ، والأبل ذكرها الله في كتابه المبين ، تتكيف مع بيئتها ، تخدم صاحبها ، والعلة بهذا الصاحب ، فلا هو متصالح مع نفسه ، ولا هو متكيف أصلاً مع بيئته الخاصة ، ولا هو متوازن مع عوالمه العامة ..!!
قممنا العربية ، لا تقدم ولا تؤخر ، متناقضة في قراراتها ، متجاهلة واقعها ،، المهم ان تخرج علينا بفخامة ديباجتها الختامية ، تليها اغان ثورية ( وطني حبيبي – وطني الأكبر ) .
معظم القمم ، دائما ما تأتي بنتائج عكسية ، وتنتهي إلى فواجع وكوارث ومهازل ، وملاسنات قومية ..!!
هل اذكركم بقمة الخرطوم سنة 1967 ولاءاته الثلاث ( لا صلح ,, ولا اعتراف ,, ولا تفاوض مع العدو الصهيوني) ..!!
هذا العدو ، هو نفسه الذي تحول اليوم إلى صديق ،، أما الوطن المغتصب فلسطين العربية ،، والوضع المزري والمأساوي لأهلنا في غزة والضفة الغربية ، واللاءات التاريخية فقد أمست كلها من الماضي ،، وهلهوله لصمود القمم القومية .
من المؤكد .. ان هذا الماضي العقيم للقمم ، يعطل كل توجه جريء وجديد لإنتاج معنى لقمة بغداد ، حتى ولو تجرأ العراق في طرح افكاره القومية ، لأن تلك الخطابات والبيانات ، والحماسة الفائضة التي اختارها القادة العرب ، انتهت أصلاً بزيارة السادات التاريخية لأسرائيل سنة 1977 واعترافه باسرائيل المحتلة ، برعاية أمريكية كاملة.
وفي ذلك الزمن الحزين ، وقف العراق شامخاً ، وقوياً لتصحيح المسار ،، فدعا إلى عقد قمة عربية سنة 1978 في وضح النهار ، ليعيد للأمة العربية هيبتها ، وكان من نتائج القمة الحاسمة ، نقل مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس سنة 1979، ولم يكن الشاذلي القليبي اكثر شطارة من عبد الخالق حسونة ، ولا من السيد محمود رياض الذي سبقه.
سوف لن يقدم العراق ما تحلم به الامة العربية ، سوى الرثاء لضياعها ، وتهديد امنها القومي ،بعد قرار اعادة تشكيل الخارطة العربية ، نحو شرق اوسط جديد ممزق حائر ، كل من فيه سجين ، نظًر له المفكر الأمريكي برنار لويس قبل عشرات السنين . يهمين عليه المجرم الخطر نتنياهو ، الذي ألف كتابه ( مكان تحت الشمس) شرق تشرق وتغرب عليه دولة أسرائيل ، قائم على تقسيم المقسم، وتجزئة المجزأ
وبعد العشرات من القمم ، لم نخجل من انقساماتنا و حروبنا ،، في الداخل يثير الولائيون اشكالية حضور الرئيس السوري احمد الشرع إلى قمة بغداد ، فلم يسامحه احد منهم ، لا المدني ، ولا الذي كان يرتدي الكاكي ، من الذين كانوا معه في سجن بوكا الأمريكي ، والبعض منهم قتل إضعاف ما قتله الجولاني من العراقيين الأبرياء ، في حروب إقليمية وفي تفجيرات تكاد تكون وقتها شبه يومية ..!!
و في الخارج أثار مجلس التعاون الخليجي قضية خورعبدالله ، ورهن الملوك الأمراء حضورهم بأرضاء الكويت على حساب المصالح التاريخية والوطنية للعراق ،،
بينما ذهب فريق عربي آخر إلى عدم جدوى انعقاد المؤتمر في بغداد ، طالما ان كثيرا من مقررات المؤتمر ،، ستحسمها قمة الرياض بين ترامب وولي العهد السعودي ..!!
مسكين يا دولة الرئيس ، نعلم انك في ورطة كبيرة ، ولحسن حظك ما كان اسمك ولا اسم والدك عبدالزهرة ،، لطلبوا منك طلباً بتبديل الاسم كشرط للحضور، ورش البخور ..!!
العراق .. يا سادتي لابد وان يظل ، في كل عهوده السياسية أرضاً للعروبة النقية ، وان شابت مسيرته ببعض من الأصوات الشعوبية ،، لكنه ظل كالسمكة ” مأكولة مذمومة”.
العرب ،، كل العرب ، طلبوا يوماً من العراق ان يكون “حارس البوابة الشرقية” ضد أطماع ايران التوسعية ، وكان لهم ما ارادوا واشتهوا ، وعندما حاول تصحيح واقع الحدود المنتفخة مع جيرانه الكويت ، بات مثيراً للمشاكل والفتن والتفرقة العربية ..!!
سادتي .. ملوك ورؤساء وأمراء العرب ..
نحييكم في بلدكم هذا ، في عامكم هذا ، في مؤتمركم هذا ،، في وطن الضيافة والحضارات والجمال ، فهو كان ” امة ” قبل ان تكونوا ولا يزال ، مثل النبي ابراهيم الذي بعثه الله بكل ذاك الكمال .
المفرح للعراقيين ، ليس فقط بأنعقاد مؤتمر قمة عربي في عاصمتهم الساحرة ، المفرح انهم وجدوا بغداد بلا نفايات وقمامة مكومة ، حتى انهم تفاجأوا بظهور تلك الطاقة الخفية في اعادة تأهيل بغداد بصورة منتظمة وسويًة ، لقد شاهدت شخصياً هذا داخل المنطقة الخضراء ، والمناطق التي تحيط بها ، واخرى بعيدة تجولت فيها ليلاً ، قبل يومين ،، حتى انتابني شعور غامض ، وتساءلت مع نفسي ، لماذا تكون بغداد جميلة أثناء عقد مؤتمرات ، التي لا يعول العراقيون عليها كثيراً..؟؟
ختم الكلام ..!!
لا خير في قمة ،، وآلاف العراقيين يعيشون على مكبات النفايات .
ثم لماذا ، نجًمل بغداد للضيوف ، ولانجملها لعيوننا وفي دواخلنا ،، وهذا يذكرني بحال الأسرة العراقية التي تنتظر ضيوفها ، لتبدأ بحملة تنظيف واسعة في أركان بيوتها ..!!
نحلم ببغداد ، ان تظل بأجمل ما تكون عليها عواصم الدنيا ،، فهل سيستمر الجمال ،، أم ان الحملات الانتخابية ستجعل من جدران وشوارع وساحات بغداد فتكون مستباحة للإعلانات والبيانات ، ولأحزاب الشعارات الكاذبة ، والنزوات الاقليمية ./ انتهى
قمًة .. بلا قمامة ..!! كاظم المقدادي
بتاريخ مايو 13, 2025 |
في مقالات
