أخبار محلية و عالمية

الزبائنية في العراق : حينما تتحول الدولة لشبكة مصالح ! / آمنة احمد


بتاريخ مايو 4, 2025 | في مقالات

آمنة حامد

في المجتمعات التي تشهد تحولات سياسية متسارعة أو اضطرابات متكررة، كثيراً ما تظهر الزبائنية كنظامبديل يُلجأ إليه لضمان الاستقرار أو المصالح. وفي العراق، تحولت الزبائنية من أداة ظرفية إلى هيكلدائم، يتغلغل في تفاصيل الحياة السياسية والاجتماعية، حتى باتت تؤثر بشكل مباشر على المصلحةالعامة.

لم تعد العلاقة بين المواطن والدولة قائمة على الحقوق والواجبات، بل على تبادل الخدمات والمصالحبين الراعي والزبون“. السياسي أو الحزب يقدم وظيفة، أو يمنح تسهيلاً في معاملة، أو يدفع مخصصاًمالياً، في مقابل ضمان صوت انتخابي أو دعم شعبي. هذا النمط، الذي قد يبدو للوهلة الأولى كنوع منالوفاء المتبادل، هو في الحقيقة عامل أساسي في تآكل هيبة الدولة وتعطيل مؤسساتها.

فالوظائف لا تُمنح بناءً على الكفاءة، بل على القرب من صاحب النفوذ. والمشاريع لا تُوزع بناءً علىالحاجة التنموية، بل بناءً على من سيجني منها ولاءً انتخابياً. وهكذا تتحول الدولة إلى مجموعة مصالحمتفرقة، لا يجمعها مشروع وطني جامع، بل تُحكم بمنطقالترضيةلاالعدالة“.

الأسوأ من ذلك أن الزبائنية لا تنتج فقط إدارة سيئة، بل تخلق شعوراً عميقاً باللاعدالة، وهو ما يدفعبالشباب إلى العزوف عن المشاركة السياسية، أو إلى تبني مواقف رافضة لكل ما هو قائم، حتى وإن كانإصلاحياً.

لعل الخروج من هذا النفق لا يتم عبر خطابات أخلاقية أو حملات إعلامية، بل من خلال تفعيل أدواتالشفافية والمساءلة، وتشجيع الإدارة بالكفاءة، وخلق مساحات حقيقية للمجتمع المدني كي يعيد بناءالثقة بين المواطن والدولة. الزبائنية ليست قدراً، بل عرضٌ لمرض يمكن علاجه إذا توفرت الإرادةالسياسية والمجتمعية الكافية.

الوسوم: