بقلم/عامر جاسم العيداني
“اختفى ملف مشروع محطة كهرباء وتحلية المياه في الفاو في ادراج مكتب السوداني .. وقصرت يده ولاتستطيع الوصول اليه ، وجف قلمه لإقراره .. والشركات العالمية تعطّل الأنترنت عنها ولا تصل الىالمناقصات الحكومية العراقية .. “
في محافظة البصرة ، حيث يعاني المواطنون من انقطاع الكهرباء المزمن وشح المياه الصالحة للشرب،يختفي مشروع استراتيجي تحت ركام الإجراءات الروتينية واللامبالاة الحكومية. مشروع محطة الكهرباءوتحلية المياه في الفاو، الذي كان من المفترض أن يكون شريان حياة لأهالي الجنوب، تحول إلى مجردملف مغلق في أدراج مكتب رئيس الوزراء، بينما هناك احتمال تجاهل الشركات العالمية مناقصاته بسببتعقيدات فنية وإدارية لا تليق ببلد يحتاج إلى حلول عاجلة.
مشروع يحمل حلولاً ناجعة… لكن من يحمله إلى التنفيذ؟
لا يخفى على أحد أن البصرة رغم ثروتها النفطية والمائية تعاني من تردي الخدمات الأساسية رغماجتهاد الحكومة المحلية في تنفيذ مشاريع خدمية كبيرة ، ولكن مشروع الفاو كان يمكن أن يخفف منمعاناة الآلاف عبر توفير الكهرباء المستدامة ومياه الشرب النقية، خاصة في ظل تزايد الملوحة وتدهورشبكات التوزيع.
لكن يبدو أن الاهتمام الرسمي بالمشروع لا يتجاوز الخطابات الإعلامية، وبسبب هذا الاهمال يجف نهرشط العرب أمام أنظار أبنائه!
لماذا التلكؤ؟ أسئلة تبحث عن إجابات..
لماذا لا تُنشر تفاصيل المشروع علناً، وتُفتح المناقصات أمام شركات عالمية ذات خبرة، بدلاً من عزلهابسبب بيروقراطية غير مبررة؟
كيف تُوافق الحكومة على مشاريع ثانوية بينما يتعطل مشروع يمس حياة الملايين؟
لماذا لا تضغط محافظة البصرة والمجالس المحلية بشكل جاد لإدراج المشروع في خطط التنفيذالفعلي؟
لقد آن الأوان لكسر حلقة الوعود المعطلة وعلى الحكومة الاتحادية تفعيل المشروع فوراً وإدراجه ضمنالموازنة الاستثمارية ، ويكون هناك إشراف محلي مباشر من محافظة البصرة لضمان الشفافية.
وإلى الحكومة المحلية في البصرة نقول لا تكتفوا بالشكوى بل طالبوا بحقوقكم بقوة فالمشروع ليسرفاهية بل ضرورة وجودية ، فتخلي الدولة عن هذا المشروع هو تخلي عن مسؤوليتها تجاه مواطنيالبصرة الذين يستحقون أن ينعموا بما تفيض به أرضهم من خيرات.
البصرة تختنق.. ومشروع الفاو يحتاج إلى من ينقذه من أدراج المكاتب قبل فوات الأوان !…
عصر الخرافات والتخوين والأشاعات
نصير جبرين
في جمهورية العراق ازمات واختناقات وويلات ، وكل ازمة تحتاج الى فريق يمتلك الشجاعة لرفع الغطاءعنها لتظهر واضحة أمام الجميع ، ودفن الرؤوس في الرمال خوفا من الفضائح أسوأ أنواع الحلول ،والسكوت عمّا يحدث دون اعلام يستند الى المهنية والمصداقية يزيد الأمر تعقيدا ، ووضع القطن فيالآذان خوفا من وصول أصوات المحتجين لا يساهم في حل معضلة ، ولا يؤشر على سلامة الطريقوالوصول الى الهدف المنشود
في زمن الازمات تكثر الاشاعات ، وتزدهر ثقافة الاتهامات والتخوين ، وينشط سوق المهرجين ، وتتناسلالتصريحات ، ويجتهد هواة اللعب على الحبال .
في زمن السقوط الحر كيف يمكن للشجاع والبطل والذكي والنزيه ان يصل الى مركز القرار بين هذهالحشود الفاسدة فالامر اشبه بقطع المحيط سباحة بيوم شديد البرد وسط عاصفة هوجاء
في زمن الازمات تخرج الاقلام النظيفة لتقول كلمتها باقتدار ووضوح ، ويطل علينا أهل الخير فيطرحوا مافي رؤوسهم من حلول لتلك الازمات .
ومع اشتداد الازمات يختلط الحابل بالنابل ، وتركب الخرافة ظهر الواقع من أجل أن تكون الاحداثمغسولة بالضبابية ، والمسيرة تعيش في نفق الشبهات التي ربما لا تقترب مما يحدث .
ومن باب الموضوعية ونحن بصدد الحديث عمّا يحدث في العراق ، نقول أن المعالجة لكل الازماتالمتراكمة عبر السنوات العجاف التي مرت علينا ، يكون بمثابة السير في حقل ألغام في واقع تتصارع فيهالاطراف على المغانم ، وينمو فيه الفساد بطريقة خرافية ، وتنتشر ثقافة الظلام أكثر من انتشار فايروسكورونا .
الواقع العراقي يعاني من الاختناق الشديد ، ويحتاج الى دخوله الى غرفة العناية المركزة ، واذا بقي علىحالته فسوف تخرج الامور عن حدود السيطرة ، وتحدث الفوضى ، ويعم الخراب ، ولا أحد يخرج سالمامن هذه اللعبة .
ومع خطورة الوضع بكل أشكاله الاقتصادية والسياسية والنفسية لابد من قرارات شجاعة ، ومن خطواتملموسة ، ومن اجراءات محسوبة ، ومعالجة وضع شائك معقد مثل وضع العراق لابد من التضحية ،والتضحية تعني النزول الى الميدان ، والمواجهة وجها لوجه ، دون اللجوء الى التصريحات الجوفاء ، أوالمساومة على مستقبل العراق وشعبه داخل الدهاليز المظلمة ، أو استخدام الخطابات المزدوجة .
من يراهن على الزمن فهو خاسر فلا وجود لوحي ينزل علينا ويقدم لنا الحلول على طبق من ذهب ، ومنيريد استمرار مسرحية الضحك على ذقون الآخرين ، فسيكون ذقنه مدعاة للضحك عليه .
منذ احتلال العراق ، ونحن نصرخ ونكتب ، وفي كل مرحلة من مراحل الفجيعة التي نمر بها ، تظهرالحقيقة أكثر وضوحا واشراقا .