كاظم المقدادي
مذ ان سمعنا عبد الغني السيد وهو يغني للشاعر علي الجارم الذي زار بغداد سنة1937 :
( بغداد يابلد الرشيد ،، ومنارة المجد التليد ..
ونحن نمشي بشارع الرشيد مرحاً ونشوة وعزة .
في هذا الشارع الطويل الجميل ، تجتمع الذاكرة الجمعية للعراقيين ، والبغادلة بشكل خاص ، فيهانطلقت اقوى المظاهرات الوطنية ، ومنه انشد الجواهري اجمل قصائده العامودية.
أطلق عليه العثمانيون خليل باشا جادة سي ، وعند تأسيس الدولة العراقية سميً بشارع الرشيد .
في ساحة الميدان ، كان العراقيون بانتظار الحافلات الحمر التي تنقلهم بأمان ، وفي ساحة حافظ القاضي، كنا نرى احدث السيارات الامريكية ، وفي الساحة شرطي للمرور ، على رأسه تستقر خوذة ، فوقها ريشةبيضاء ، تحركها نسمات هواء ، وقفاز ابيض يغطي اليدين بنقاء ، اوامر الشرطي مسموعة ، وصافرتهمرفوعة .
كانت في الشارع مكتبة مكنزي للتنوير ،وأستوديو بابل للتصوير ، وللسيد كعكه الشهير ، وعصير زبالةيتلذذه المسؤول والغني والفقير .
معظم دور السينما توسطت شارع الرشيد ، وسوق اورزدي ضرب مثالاً في العرض والتنظيم الفريد .
كان خيري العمري ، اول امين للعاصمة في العهد الملكي ، استطاع ثبيت واقع الشارع الحضري ، وحافظعلى تصميمه الاساسي ، وفي العهد الجمهوري ، اعاد سمير الشيخلي بهاء الشارع ومجاله الحيوي .
اجمل مافي شارع الرشيد ، انه يمنح الظل للذين يقطعونه مشياً على الاقدام .. من ساحة الميدان حتىأسطوانات چيمقچي و سينما الخيام .
في زمن الاحتلال الامريكي ، تراجع الشارع كثيراً ، مثلما تراجع الإنسان المدني ، والواقع الحضري ،
حتى اني قلت لصابر العيساوي وهو ثاني امين لبغداد بعد علاء التميمي جملةمشهورة استقبلها علىمضض ( بغداد ،، بناها المنصور وفلشها العيساوي) ..!! متذكراً قول الشاعر الشعبي عبود الكرخي / بغداد مبنية من تمر ، فلش وأكل خستاوي ..!!
جاء من بعد صابر العيساوي السيد نعيم عبوب ، وترك الشارع على بؤسه المعيوب ، منشغلاً بصخرتهوبصاحبه شيبوب ، مستجيباً مثل غيره ، لحقد تاريخي بليد ، يتربص بشخصية هارون الرشيد ..!!
في سنة او يزيد ، قدم امين بغداد السابق علاء معن رؤيته الجمالية ، ترسخت في شارع الفلاح وشارعالصناعة ، وأخرج شارع المتنبي بأجمل صورة ثقافية ، لكن الكاظمي مصطفى خذله ، إلى ان تمت أقالتهمن منصبه .
في جولة السيد السوداني رئيس الوزراء امس ، أبصرت امراً غريباً لم يكن معهوداً ، تمثل بغياب امينبغداد الحالي ، السيد عمار الاسدي ..!!
الواقع ،، أن بغداد ، بحاجة إلى اعادة تأهيل ، بخبرات معمارية سديدة ، وبكوادر فنية جديدة ، لان الوضعالحالي لعمل امانة بغداد لم يكن مجدياً ، حتى موضوع جمع النفايات أمسى صعباً ومرتبكاً ، حتى يتولدشعور لدى المواطن ،، ان هناك من في امانة بغداد ، لا يكترث لحجم النفايات التي تحولت من ظاهرةمقرفة إلى حالة مستدامة ..!!
الشوارع الرئيسة التي يمر بها المسؤولون , تم تبليط معظمها ، وتحسنت نسبياً طرقها ، لكن فروعالشوارع الرئيسة ، تتكوم فيها النفايات وطفح المجاري ، وكل أنواع التخسفات ..!!
قبل سنة ويزيد كتبت مقالاً تحت عنوان ( السوداني اميناً لبغداد) نشرته بعد ان أبصرت تحركا وحرصا منه على اعادة تأهيل بغداد ، المدينة المستباحة من قبل المسؤولين والمواطنين ، والناس اجمعين .
كان تحركه يومها مصيباً وذكياً، وباعثا على الامل ، لكي تنهض بغداد من جديد .
معظم الذين صعدوا إلى مناصب عليا ، وحكموا البلدان طويلاً ، هم من الذين خدموا عواصمهم ..
مثل احمدي نجاد الذي بدأ نشاطه المهني والسياسي كعمدة لطهران ، حاله حال عمدة اسطنبول رجبطيب اردوغان ، اما الفرنسي جاك شيراك فتجربته في باريس مازالت عالقة بالأذهان .
الثابت ،، أن شارع الرشيد خرج اليوم من الإهمال إلى الأعمار ، متخطياً صيحات الجهل والتخلف ، والذينيتمنون ان يظل الشارع مكاناً لاصحاب البسطية والخذلان .
السوداني ،، نجح في رهانه مستعيناً بكوادر معمارية عراقية فذة ، تقودها رابطة المصارف ، والبنكالمركزي .
المتابعةالمستمرة ، تظل هي الاساس ، والعنصر المثير في موضوع البناء والتعمير
يا سيادة الرئيس ،،
مازالت الاختناقات المرورية ظاهرة مؤذية ، بل ومدمرة ، تشييد الجسور والمجسرات ، لايفي ، ومشروعالمترو مازال مغفي ومطفي ، و تسقيط الارقام وترشيد استيراد السيارات امر لا بد منه وقد يكفي .
واين المراقبة للمنافذ الحدودية ، والحد من طمع وتطاول المافيات ، المدعومة من قبل احزاب متنفذةوشخصيات ،،
على شاكلة نور زهير ،، والمدعو الله بالخير .
وتظل بغداد هي الاساس ، والعنوان الذي يرضي ويقنع شعباً صعب المراس .