الالتزام بالقانون … محمد عبد الجبار الشبوط

الالتزام بالقانون … محمد عبد الجبار الشبوط

محمد عبد الجبار الشبوط

يعد الالتزام بالقانون من الركائز الأساسية التي يقوم عليها النظام الاجتماعي والسياسي لأية دولة، ولايقتصر تأثيره على فئة معينة أو قطاع محدود من المجتمع، بل يمتد ليشمل جميع الأفراد في الدولة، منأصغر مواطن إلى أكبر مسؤول. إن القانون ليس مجرد مجموعة من القواعد التي تفرض من أجل تنظيمالسلوكيات، بل هو العمود الفقري الذي يحمي النظام، ويضمن العدالة والمساواة، ويعزز الثقة بين أفرادالمجتمع. وفي ظل التحديات المعاصرة، يعتبر احترام القانون من السمات الجوهرية لأي دولة تسعى لأنتكون حضارية وعادلة.

تقوم الدولة الحضارية الحديثة على أساس من العدالة والمساواة، حيث يتم تطبيق القانون على الجميعدون استثناء أو تمييز. إن الالتزام بالقانون يعد أمرًا أساسيًا لبناء مجتمع يسوده النظام والأمان، فهو يوفرإطارًا قانونيًا يحدد الحقوق والواجبات، ويضمن حقوق الأفراد والحريات الأساسية. وعندما يلتزم كل فردبالقانون، يتحقق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، ويصبح المجتمع قادرًا على النمو والازدهار.

من الضروري أن يبدأ الالتزام بالقانون من أصغر مواطن في الدولة. فكل شخص يجب أن يدرك أن قوانينالمجتمع هي التي توفر له الأمان والحقوق التي يستحقها. عندما يلتزم الأفراد بالقانون، حتى في أبسطالأمور، فإنهم يسهمون في تعزيز السلم الاجتماعي ويحافظون على النظام. هذا التزام شخصي يعكسإحساسًا بالمسؤولية، ويعزز ثقافة احترام القانون في المجتمع.

لكن من دون شك، فإن أسمى وأهم تجسيد للالتزام بالقانون يبدأ من أعلى مستوى في الدولة، حيث يقععلى عاتق المسؤولين التنفيذيين والتشريعيين عبء كبير في ضمان تطبيق القانون بطريقة عادلةوشاملة. يجب أن يكون المسؤولون في الدولة أول من يحترم القانون ويخضع له، ذلك لأنهم يشكلونقدوة لبقية أفراد المجتمع. فإذا أخل المسؤولون بالقانون أو استغلوا مناصبهم لتجاوز النظام القانوني،فإن ذلك يؤدي إلى فقدان الثقة في المؤسسات ويشجع الفوضى.

تكمن أهمية الالتزام بالقانون في مبدأ العدالة والمساواة. في الدولة الحضارية الحديثة، يجب أن يكونالقانون فوق الجميع، ويجب أن يُطبَّق على الجميع بشكل متساوٍ، دون استثناءات أو تمييز. عندما يشعرالمواطنون بأنهم جميعًا يخضعون لنفس القوانين، تنشأ لديهم ثقة في النظام السياسي والقانونيللدولة، وهو ما يعزز تماسك المجتمع واستقراره. أما إذا كانت القوانين تطبق بشكل غير عادل، أو إذاكانت هناك فئة معينة تتحايل على النظام القانوني، فإن ذلك يعمق فجوة الثقة بين الحكومة والشعبويؤدي إلى الانقسام والفوضى.

بجانب الالتزام بالقانون، تُعدّ الشفافية والمساءلة من العوامل الأساسية التي تضمن فعالية تطبيقالقانون في الدولة. يجب أن يكون القانون واضحًا ومتسقًا، وأن تكون عملية اتخاذ القرارات قائمة علىمعايير قانونية واضحة تتسم بالعدالة. ومن جهة أخرى، يجب أن يكون هناك آليات لمساءلة المسؤولينإذا أخفقوا في تطبيق القانون أو استغلوا سلطاتهم. المساءلة تعزز من فكرة أن الجميع يخضعونلمراقبة قانونية، سواء كانوا مواطنين أو مسؤولين.

و من أجل ضمان الالتزام بالقانون من قبل  الجميع، يجب أن يكون التعليم القانوني جزءًا أساسيًا منالنظام التعليمي في الدولة. يجب أن يتعلم المواطنون منذ صغرهم أهمية القانون وكيفية احترامه. تُعدّالثقافة القانونية سمة حضارية مهمة تساهم في تكوين جيل قادر على التفكير النقدي، واحترام القيموالمبادئ القانونية. كذلك، فإن تعزيز الوعي القانوني بين المواطنين يعزز من قدرتهم على الدفاع عنحقوقهم بطرق قانونية وسليمة.

واذن، فان الالتزام بالقانون ليس فقط أمرًا ضروريًا من أجل الحفاظ على النظام داخل الدولة، بل هوالأساس الذي يضمن تطور وازدهار المجتمعات. لا يمكن بناء دولة حضارية حديثة دون وجود منظومةقانونية قوية تتسم بالعدالة والمساواة، حيث يبدأ تطبيق القانون من أصغر مواطن، مرورًا بجميع فئاتالمجتمع، وصولًا إلى أعلى مستويات المسؤولية في الدولة. إذا تم الالتزام بالقانون من الجميع، فإن ذلكسيؤدي إلى تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، مما يسهم في تطوير الدولة ويعزز مكانتها فيالعالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *